رغم الخطط الإصلاحية والمبادرات التنموية، لا يزال المغرب يواجه تحديات معقدة على مستوى الأمن الغذائي، بحسب تقرير جديد للجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا)، التابعة للأمم المتحدة.
التقرير، الذي يرصد أداء الأنظمة الغذائية في المنطقة، صنف المغرب ضمن قائمة “الأنظمة الغذائية الناشئة”، مشيرًا إلى أن منظومته الزراعية والغذائية لم تبلغ بعد مستويات التوازن والاستدامة المطلوبة. وأكد أن النظام الغذائي الوطني يعتمد بشكل مفرط على النشويات، حيث يشكل الخبز والقمح نحو 35% من إجمالي السعرات الحرارية المستهلكة يوميًا، فيما يسهم الدعم الحكومي للسكر والزيوت في تعميق الاختلالات الغذائية.
هذه البنية الغذائية الهشة، حسب التقرير، تُترجم إلى مؤشرات صحية مقلقة: حوالي 28.6% من البالغين يعانون من السمنة، بينما تصاب أكثر من ثلث النساء في سن الإنجاب بفقر الدم، ما يعكس تأثير النظام الغذائي غير المتوازن على الصحة العامة.
وفي مقاربة مقارنة، وضع التقرير المغرب، إلى جانب الجزائر وتونس، ضمن مجموعة دول تعرف انتقالاً غذائيًا غير مكتمل، على عكس مصر التي سجلت تحسنًا ملحوظًا بفضل استثماراتها في البنية التحتية الغذائية وسلاسل التوزيع، في حين تعيش ليبيا حالة اعتماد كلي تقريبًا على الواردات الغذائية.
وأشار التقرير إلى واقع صادم يطبع العالم العربي برمته، حيث يعاني ثلث السكان تقريبًا من انعدام الأمن الغذائي، مع نسب مرتفعة من نقص التغذية، فيما تتفاقم المشكلة بسبب معدلات هدر غذائي تتراوح بين 76 و132 كيلوغراماً للفرد سنويًا.
وفيما يتعلق بالقطاع الفلاحي المغربي، أوضح التقرير أنه رغم كونه مصدر رزق رئيسي لشرائح واسعة من السكان القرويين، إلا أن مردوديته تظل ضعيفة؛ إذ لا تتجاوز مداخيله السنوية للعامل الواحد 5,000 دولار، كما أن مساهمته في الناتج الداخلي الخام تبقى محدودة في حدود 10%.
وخلص التقرير إلى أن تجاوز هذه التحديات يتطلب مقاربة شاملة، تبدأ بدعم الإنتاج المحلي وتنويع النمط الغذائي، مرورًا بإصلاح سياسات الدعم، وتعزيز البنية التحتية، وانتهاءً بضمان الحق في الغذاء الصحي والمتوازن لجميع المواطنين، خصوصاً الفئات الهشة.