خسر التحالف الذي يقوده الرئيس إيمانويل ماكرون الغالبية المطلقة في الجمعية الوطنية الفرنسية، ما من شأنه أن يعرقل السير بإصلاحاته في ولايته الثانية، بحسب توقعات أعلنت مساء أمس الأحد في ختام الدورة الثانية للانتخابات التشريعية.
ويتوقع أن يحصل تحالف “معا” على 200 إلى 260 مقعدا، مما يمنحه أغلبية نسبية تجبره على السعي للحصول على دعم مجموعات سياسية أخرى لإقرار مشاريع القوانين، علما أن الغالبية المطلقة تبلغ 289 مقعدا.
وفي سياق ذي صلة، أشاد الرئيس بالوكالة للتجمع الوطني اليميني المتطرف بالنتيجة التي حققها حزبه في الانتخابات التشريعية الفرنسية، معتبرا أنها “تسونامي”.
فيما شهد التصويت تقدما غير مسبوق لليمين المتطرف بزعامة مارين لوبن، منافسة ماكرون في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية، مع حصوله على 89 نائبا، وإحياء ائتلاف اليسار بقيادة أقصى اليسار المتمثل بجان لوك ميلانشون والذي نال 131 نائبا.
لكن الحزب اليميني التقليدي “الجمهوريون” صمد ونال 61 نائبا ويمكن أن يؤدي دور الحكم، وقد مد المعسكر الرئاسي اليد له اعتبارا من مساء الأحد، بيد أن زعيم الحزب كريستيان جاكوب قال إنه يستبعد التعاون أو الاتفاق لتشكيل ائتلاف مع تحالف ماكرون.
فرضية انضمام لوبين
وتعقيبا على الموضوع، يرى الخبير في العالاقات الدولية، حسن بلوان، أنه إذا “ما صدقت فرضية انضمام لوبين إلى الغالبية الحكومية، فإن ذلك سيشكل تغييرا في تاريخ الانتخابات الفرنسية، ونهاية للظاهرة الماكرونية التي كانت تجمع بين اليمين التقليدي واليسار التقليدي”.
وأضاف بلوان، في تصريح خص به “فبراير.كوم”، ثم إن “النقطة الثانية التي يجب التركيز عليها اليوم هو حصول مارين لوبين (اليمين المتطرف) على كثلة برلمانية، بعد عقود من أجل هذا اللقب”.
وتابع الخبير، “ثم الرابح الأكبر هو اليسار الجديد، وبناء على كل ما سبق أعتقد أن رئاسة الحكومة ستسعى لبناء تحالفات يمكن أن تدفع بالطرفين إلى الأمام دون تسمية من اختارتهم لها حلفاء”.
واستطرد قائلا: “لكن ما يروج بخصوص تحالف ماكرون أنا شخصيا أستبعد ذلك على اعتبار أن هناك فرقا تاما بين الوسط الماكروني والجبهة التي تتزعمها لوبين، وان تم ذلك سيكون على حساب مجموعة من التنازلات التي يعتبرها ماكرون خطا أحمر”.
وزاد المتحدث، “والتي نذكر من بينها موضوع الجاليات، والهوموفوبيا، وكذا الإسلام، ثم السياسات الداخلية والأوروبية التي تلعب فيها فرنسا”.
واسترسل بلوان، “لذلك أظن أن الانتخابات أمس قلبت جميع الموازين، وستخلط جميع الأوراق بالنسبة للبرامج التي كان ينوي أن يقدمها الرئيس ماكرون، كما أن التحالفات ستتضح أكثر بعد خروج النتائج الرسمية وظهور الخريطة السياسية داخل الجمعية الوطنية الفرنسية”.
وزاد قائلا: “وهو ما يجعلني أستبعد فرضية الإقدام على تحالف بين ماكرون ولوبين، بينما أرى أن الحاكم سيبحث عن أحزاب أخرى خاصة فيما يتعلق باليمين التقليدي، الذي يمكن أن يلعب دورا محوريا في تشكيل الحكومة والأغلبية المقبلة”.
تحول في السياسية الداخلية
وخلص الخبير في العلاقات الدولية، إلى أنه “إذا قبل ماكرون هذه التنازلات وانضمت لوبين، فستكون هناك تداعيات كبيرة على مجموعة من السياسات الداخلية للبلاد خاصة فيما يتعلق بالتعاطي مع الحرب الأوكرانية”.
وتابع المتحدث، “فكما هو معلوم لوبين قريبة جدا من الكريملين، خاصة بعدما عايناه من مواقف مرتبكة أصدرتها سابقا حتى لا تبدي وجهة نظرها الداعمة للحرب على الأوكران”.
وفي المقابل، يرى بلوان، أن السياسة الداخلية بفرنسا ستعيش على وقع وضع متشدد، مبرزا، “وستظهر لدينا مجموعة من الصراعات داخل الجمعية الوطنية في كل ما يتعلق بالمهاجرين أو الجاليات المغاربية على الخصوص”.
وختم الخبير، “فرنسا تعيش أزمة سياسية غير مسبوقة مع عزوف الناخبين عن التصويت ومع ظهور التيار اليميني المتطرف”.
من ناحية أخرى، ستبدأ رسميا يوم الأربعاء القادم ولاية النواب الجدد التي تستمرّ خمس سنوات.
ويجب على النواب الذين انتُخبوا الأحد للمرة الأولى ومن بينهم شخصيات رمزية حديثة العهد في السياسة على غرار راشيل كيكي وهي عاملة تنظيفات سابقة أصبحت نائبة عن تحالف اليسار، أن يسجّلوا ويحصلوا على حقيبة النائب التي تحتوي على الوشاح ذي الألوان الثلاث.
كما يتعيّن عليهم التقاط صور رسمية لهم والانضمام إلى الكتل البرلمانية التي يُفترض أن تتشكل قبل 28 يونيو عند الساعة الثالثة بعد الظهر بالتوقيت المحلي، موعد افتتاح الهيئة التشريعية الـ16 في جلسة عامة
