شهد الاقتصاد المغربي تطورات إيجابية ملحوظة خلال السنوات الماضية، حيث أصبح أكثر تنوعاً وقوة بفضل جهود الحكومة في تطوير قطاعات واعدة إلى جانب القطاعات التقليدية.
فبعد الاعتماد الكبير في السابق على القطاعات التقليدية كالفلاحة والفوسفاط والسياحة، أصبح الاقتصاد المغربي الآن يشمل قطاعات حديثة مثل الصناعة الاستخراجية والسيارات والطائرات والنسيج والصناعات الغذائية والخدمات عالية القيمة المضافة.
وبحسب تصريحات المحلل الاقتصادي محمد جدري، فقد ساهمت هذه التنويع القطاعي والتوجه نحو الصناعة والخدمات، إلى جانب تحسين البنية التحتية ورأس المال البشري، في جذب المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية من دول متنوعة كالصين والهند وكوريا الجنوبية وأمريكا الشمالية واللاتينية، إضافة إلى الشريك التقليدي الاتحاد الأوروبي.
ويرى جدري أن المغرب يمتلك اليوم مقومات تمكنه من تحقيق معدلات نمو اقتصادي مرتفعة تصل إلى 6 أو 7% سنوياً، وهو ما تهدف إليه “رؤية 2035” الهادفة لمضاعفة الناتج المحلي الإجمالي من 130 مليار دولار إلى 260 مليار بحلول ذلك التاريخ. لكن هذا الهدف يتطلب التغلب على عدة تحديات رئيسية.
وحسب جدري أولاً، يجب معالجة مشكلة ندرة المياه من خلال ربط الأحواض المائية وتشييد 36 محطة تحلية مياه البحر بحلول 2026-2027، فضلاً عن إنشاء سدود صغيرة ومتوسطة ومحطات معالجة للمياه المستعملة.
ثانياً، حسب نفس المتحدث لا بد من تقليص التبعية للطاقة الأحفورية المستوردة والتوجه نحو الطاقات المتجددة كالشمسية والريحية، خصوصاً أن فاتورة الطاقة تجاوزت 15 مليار دولار في 2022.
ثالثاً، يجب محاربة الريع والفساد وتحسين مناخ الأعمال لجذب المزيد من الاستثمارات، ورابعاً، يحتاج المغرب لإصلاح منظومتها التسويقية لتعزيز تنافسية صادراتها. كما يتعين عليها إصلاح أنظمة التقاعد والضرائب وقوانين العمل بما يتماشى مع المعايير الدولية.
ويؤكد جدري أن تحقيق كل هذه الإصلاحات ممكن في ظل توفر رؤية استشرافية واضحة تحظى بإجماع وطني، إضافة إلى امتلاك الحكومة الحالية لأغلبية مريحة في البرلمان والمجالس المحلية تمكنها من تنزيل السياسات العمومية بشكل أفضل.
ويشير جدري إلى أن تحقيق معدلات النمو المستهدفة من شأنه مضاعفة الدخل وخلق المئات من آلاف فرص العمل للشباب، لكن هذا مرهون بجرأة الحكومة في معالجة الإشكاليات القائمة والاستمرار في مسار الإصلاحات الهيكلية العميقة بدون تردد.
