الرئيسية / حوارات / الوديع: تحديات الديمقراطية لا يجب أن تكون محط مزايدات (حوار)

الوديع: تحديات الديمقراطية لا يجب أن تكون محط مزايدات (حوار)

حوارات
فاطمة الزهراء غالم 28 أبريل 2020 - 23:03
A+ / A-

يشهد العالم اليوم في خضم تفشي جائحة كورونا متغيرات كثيرة، على المستوى العالمي أظهرت الجائحة ضعف نظام كنا نعتقد بالأمس القريب أنه الأقوى والأكثر صمودا، كما كشفت الجائحة الحجاب عن أعطاب داخلية سواء متعلقة بالبنية التحتية للمستشفيات أو التعاطي التقليدي للسياسة الوطنية مع المتغيرات المعولمة.

وفي هذا الصدد تستضيف “فبراير” في برنامج  “حديث مع فبراير على هامش كورونا” الكاتب والحقوقي صلاح الوديع، للبحث في بعض الاسئلة المرتبطة بالحجر الصحي ومخلفاته.

مرحبا الاستاذ صلاح…لماذا لم يتم العفو عن المعتقلين السياسيين خلال العفو الأخير؟ وهل يمكن أن تحقق أزمة كورونا انفراجا سياسيا قريبا؟

في البداية الشكر موصول لكافة طاقم فبراير على هذه الاستضافة….علاقة بسؤالكم فإن الوضع الجديد الذي خلقه وباء كورونا والتصدي الحازم له من طرف الدولة في كل مستوياتها، والانضباط عموما الذي أبانت عنه شرائح واسعة مع تسجيل الدور الباهت للعديد من المؤسسات المنتخبة يضع المغرب في سياقات وأمام رهانات جديدة.

هناك مقولة للينين تبرز ما معناه أن بإمكان الشعوب أن تتعلم خلال أسابيع – خلال الأزمات الكبرى – أضعاف ما تتعلمه خلال عقود من الزمن. وأظن أننا نعيش بالضبط وضعا كهذا، وخلاصة الأمر أن الأغلبية الكبيرة من المغاربة سوف تفهم أن تحديات الديمقراطية والتنمية يجب ألا تكون محط مزايدات بل تتطلب تعبئة مستمرة على مدى جيلين كاملين أو أكثر، وتضحيات من كل فرد في البلد من القمة إلى أسفل القاعدة في جو من التضامن.

في هكذا سياق، يصبح إطلاق سراح المعتقلين على خلفية الاحتجاجات الاجتماعية مسألة منسجمة مع السياق الراهن أكثر من أي وقت مضى.

يعيش المغرب حجرا صحيا كيف ترى العلاقات المجتمعية ما بعد كورونا؟

أرى أن جائحة كورونا ليس لها طابع الوباء المؤقت فحسب، إن كان مؤقتا، بل إن الحجر الذي فرضته على ما يزيد على 6 مليارات من البشر سوف يدفع هؤلاء – ومن ضمنهم المغاربة – إلى مراجعة العديد من المسلمات: علاقتهم مع أسرهم، علاقتهم مع زملائهم، نظرتهم إلى ذواتهم، مفهوم السلطة وضرورتها، العيش المشترك في كل تجلياته، حس المسؤولية وتبعاته…الخ.

إن المكوث مع النفس مدة طويلة ومع الناس الذين كنا نظن أننا نعرفهم ونكتشف أننا لا نعرفهم، ونكتشف أن ما كنا نعتبره بديهيا كالخروج إلى المقهى مثلا هو بمثابة ممارسةِ حرية من حرياتنا سيُعَدُّ اكتشافا وجدانيا مهما يدفع صاحبه إلى تنسيب الأشياء… أنا أعول على هذه الصدمة الوجدانية في إعادة النظر في العديد من البديهيات.

مثلا معروف أن المغاربة لا يحترمون الصف ولا ينتظرون دورهم. هذه المحنة تعلمهم كيف أن انتظار الدور ممارسة مواطنة… ناهيك عما سوف يترتب على هذه المرحلة من تحديات جديدة ذات طابع سياسي واجتماعي وقيمي وغيره.

هل يمكن أن نتحدث عن نظام عالمي جديد ببراديغمات جديدة؟

لا يمكن ألا تكون لهذه اللحظة وما بعدها تأثير على الساحة الدولية، فإذا كنا ودعنا العالم الثنائي القطبية مع سقوط الاتحاد السوفياتي ثم مررنا إلى تغول القوى الغربية الكبرى حتى على روسيا نفسها أيام “إلتسين” ثم مررنا إلى عالم يتهجى قطبية متعددة، فنحن الآن أمام بروز الصين كقوة كبرى لم يكن أحدٌ يحسب لها حتى سنة 2000 حسابا ذا بال. هل هو قرب انحدار أميركا والغرب عموما من الموقع الذي كسبوه خلا القرن الماضي؟ إن الصورة التي شاهدناها في إيطاليا وهي تستقبل أطباء من كوبا من أجل مساعدتها على مكافحة الوباء، صورة ذات حمولة رمزية قوية على مستوى التصورات المتداولة عن كل دولة في العالم.

ثم إن الصين التي يبدو أنها على أهبة أن تنهي مع الوباء ونتائجه، هي عناصر – ضمن أخرى كثيرة – تدل على أن شيئا ما يقع في العالم. سيكون له ما بعده.

هل يمكن اعتبار كورونا حدث سيغير الزعامات الدولية بصعود لاعبين جدد؟

بالتأكيد أن بلدانا أخرى سوف تطمح إلى دعم أو ترسيخ دورها على الساحة الدولة. لكن الأمر سوف يتعلق كذلك بالتحالفات التي سوف تتشكل في العالم. فلا يمكن أن نتصور أن دولة ما بإمكانها التحرك لوحدها… يمكن انتظار تحالفات جديدة. لكن الخاسر الأكبر الآن على ما يبدو هي أوروبا، أمام صعود الصين وعودة روسيا إلى سابق عهدها تقريبا في العمل على الهيمنة السياسية والإستراتيجية والعسكرية على مناطق تعتبرها حيوية بالنسبة لها.

ثم هناك التراجع المسجل على مستوى دور دول الخليج وصمود النظام السوري المدعوم من إيران وروسيا. دون أن ننسى تطلعات تركيا وتململات الدول الإفريقية مؤخرا عقب المقترح المغربي الذكي من أجل التوجه المشترك لدحر الوباء. ثم من الأكيد أن دولا عديدة عانت من نقص معدات مواجهة الوباء وتخلي الحلفاء عنها في عز الأزمة، سوف تفكر في سياساتها وتجعل من التنمية المعتمدة على النفس مبدأ ذا أولوية في تقرير سياساتها العمومية وتحالفاتها.

ما هي الدروس التي ستخلفها كورونا في نظركم؟

فلسفيا: إن الحياة مقتصرة على البعد المادي لا قيمة لها. حيث إن بذل مجهود من أجل بلوغ هدف هو ليس ضروريا فقط من الناحية القيمية بل هو ما يشحذ ويغذي إرادة الفرد ليطور نفسه ويشعر بجدوى وجوده داخل الجماعة.

سياسيا: أنتظر أن يعرف شعور وسلوك المواطنة تحسنا لدى الأفراد، وأن تؤثر حصيلة تدبير السلطات العمومية للوباء على ثقة المواطنين وتعبئتهم لمواجهة المرحلة الصعبة التي سوف تعقب الوباء على مستويات عدة اقتصاديا واجتماعيا، الخ… أن تؤثر على المستقبل من زاوية أن كل حكومة مسؤولة سوف تدرك أن الاعتماد على النفس في كل الأشياء المرتبطة ببناء المستقبل مسألة جوهرية لا محيد عنها.

السؤال الأخير لتقريب القراء من السيد الوديع، كيف تقضي فترة الحجر وما هي نصائحك للمواطنين للاستثمار في فترة الحجر الصحي.

قراءة، كتابة، تحضير مشاريع، عمل منزلي، عمل في الحديقة، رياضة، مشاهدة أفلام، الاستمتاع بلعبة “سكرابل” ولو وحيدا، مهاتفة الأصدقاء والأقرباء والأبناء.

مواقيت الصلاة

الفجر الشروق الظهر
العصر المغرب العشاء

حصاد فبراير

أحوال الطقس

رطوبة :-
ريح :-
-°
18°
20°
الأيام القادمة
الإثنين
الثلاثاء
الأربعاء
الخميس
الجمعة