الرئيسية / سياسة / هل حسم الملك في النقاش الإيديولوجي لتعديل مدونة الأسرة؟ خبراء "فبراير" يجيبون

هل حسم الملك في النقاش الإيديولوجي لتعديل مدونة الأسرة؟ خبراء "فبراير" يجيبون

هل حسم الملك في النقاش الإيديولوجي لتعديل مدونة الأسرة؟ خبراء "فبراير" يجيبون
سياسة
راوية الذهبي 16 أكتوبر 2023 - 20:00
A+ / A-

هل حسم الملك في النقاش الإيديولوجي لتعديل مدونة الأسرة؟ خبراء “فبراير” يجيبون. جاء في الخطاب الملكي لافتتاح السنة التشريعية، أنه و”في إطار هذه القيم الوطنية، التي تقدس الأسرة والروابط العائلية، تندرج الرسالة التي وجهناها إلى رئيس الحكومة، بخصوص مراجعة مدونة الأسرة” كما أضاف الملك محمد السادس في نفس الخطاب، “إن الأسرة هي الخلية الأساسية للمجتمع، حسب الدستور، لذا نحرص على توفير أسباب تماسكها” وأكد على أن “المجتمع لن يكون صالحا، إلا بصلاح توازنها. وإذا تفككت الأسرة يفقد المجتمع البوصلة”.

وفي ظل النقاش المجتمعي الذي يعرفه موضوع تعديل مدونة الأسرة، وأيضا في ظل ما يفترضه هذا التعديل من نقاش مؤسساتي ينبني على تقاطبات أيديولوجية تراعي توازنات المجتمع، تساءلت “فبراير” بمعية بعض الباحثين والمختصين في هذا المجال، عن ما إذ كان الخطاب الملكي قد حسم هذا النقاش الإيديولوجي أم أنه أطره؟ ولماذا كنا اليوم في حاجة إلى تدخل مباشر من المؤسسة الملكية بدل التحكيم كما كان عليه الحال بخصوص تعديل مدونة الأحول الشخصية؟

التحولات التي تعرفها الأسرة فرضت تعديل المدونة

صرحت فاطمة اليحياوي أستاذة التعليم العالي بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء لـ”فبراير”، أن المرأة المغربية اليوم تدافع عن نفسها ليس فقط بالكلام بل وبممارستها لمسؤولياتها على أرض الواقع، حيث أضحت المرأة اليوم تعول أسرتها وتتقاسم مع الرجل كل تكاليف الحياة وتمارس مسؤوليات أسرية تكسر منطق القوامة، معتبرة أن تبوأ المرأة المغربية لهذه المكانة، أدى إلى تغيرات مهمة على المجتمع وعلى الأسرة.

وأكدت أستاذة التعليم العالي بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء لـ”فبراير”،بهذا الصدد، أن النقاش اليوم حول تعديل مدونة الاسرة ليس بالنقاش المؤسساتي، بل لازال نقاشا مجتمعيا بين المواطنين والمواطنات على مواقع التواصل الاجتماعي، ما أدى إلى تمييع النقاش واختزال المدونة في قضية المرأة بدل الاسرة، وهذا ما يغيب عن المناقشين، فنحن نتحدث عن تعديل مدونة الاسرة لا مدونة المرأة، ما يجعل من الحوار اليوم حوار صم وبكم يغيب عنه العقل، ولا يقوم على تدبير الاختلاف والواقعية.

وأضافت أستاذة التعليم العالي بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء لـ”فبراير”، ان مفهوم الأسرة اليوم يتسق ومفهوم المقاولة، حيث لم يعد الرجل هو من يدبر هذه الأسرة، أيضا على المستوى المادي المرأة تساعد الرجل وتعول الأسرة في بعض الأحيان، مما يعني، أن هذا النقاش بمواقع التواصل ليس بالنقاش الصحي، وسينعكس سلبا على مضامين المدونة، مما يتطلب تحمل المجتمع المدني لمسؤولياته بهذا الصدد.

وشددت اليحياوي أستاذة التعليم العالي بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء لـ”فبراير”، على كون التطورات التي عرفها المجتمع اليوم تحتاج إلى مدونة تراعي هذه التطورات، وتحقق التوازن على مستوى الأسرة، مؤكدة أن هذه التعديلات لا ينبغي أن تبخس من دور الرجل أو من دور المرأة، بل نحتاج فقط لتعديل يعطي لكل ذي حق حقه، حيث لا ينبغي فهم الأمر على كونه صراعا بين النساء والرجال، بل هو نقاش من أجل الاسرة.

وسجل الباحث في المركز المغربي للأبحاث والدراسات المعاصرة، مصطفى العلوي في تصريحه لـ”فبراير”، أسفه بخصوص النقاش حول تعديل مدونة الأسرة وإنزياحه من بحث سبل تقوية تماسك مؤسسة الأسرة ومعالجة الاختلالات التي عرفها نظام الأسرة بسبب قصور المدونة الحالية إلى جعل مؤسسة الأسرة مؤسسة صراع دائم بين الرجل والمرأة حول الأبناء والمال، لا مؤسسة مودة وتراحم وتساكن بالخير.

وشدد الباحث في المركز المغربي للأبحاث والدراسات المعاصرة، مصطفى العلوي في تصريحه لـ”فبراير” بهذا الخصوص، أن النقاش العمومي مطلوب، وهو دليل على حيوية المجتمع، لاسيما في مواقع التواصل الإجتماعي، مسجلا أنه نقاش تطغى عليه الإشاعة وعدم دقة المعلومات بشأن الموضوع، حيث أن جزءا من رواد مواقع التواصل يتفاعلون معه بلغة توحي وكأن الأمر حُسم وأن هناك تعديلات ذات أثر تدميري على الأسرة والقيم قد تم إدراجها في مدونة الأسرة، وهو أمر غير صحيح، لأن اللجنة المكلفة من طرف الملك بدأت اجتماعاتها للتو. ويفترض أن ننتظر مخرجات مشاوراتها، وآنئذ لكل مشروع تعديل حديث.

كما أكد الباحث في المركز المغربي للأبحاث والدراسات المعاصرة، مصطفى العلوي في تصريحه لـ”فبراير” أن، “خفوت صوت الفاعلين الأساسيين في مثل هذه النقاشات المهمة من نخب علمائية وسياسية وثقافية، مما يضعف من نجَاعة هذه النقاشات، ويجعلها في كثير من الأحيان تستغل للتغطية على مشاكل حقيقية يعيشها المجتمع المغربي سياسيا واقتصاديا”.

-ضعف التقاطب الفكري والإيديولوجي داخل المؤسسات فرض التدخل المباشر للملك بدل التحكيم

وصرح مصطفى العلوي، الباحث في المركز المغربي للدراسات المعاصرة، أن تعديل مدونة الأسرة انطلق فعليا بتعيين اللجنة التي كلفها جلالة الملك بإعداد مقترحات تعديلات للمدونة، ولما تكون هذه التعديلات جاهزة سنرى مدى صحة فرضية وقوع انتقال كلي من الشارع كفضاء للاحتجاج إلى مواقع التواصل الاجتماعي، لأنني لا أستبعد حراكا مؤيدا وآخر معارضا للتعديلات، على غرار ما وقع بشأن الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية، لاسيما إذا ما كانت التعديلات بعيدة عن هوية المجتمع المغربي، ومجحفة في حق أحد مكونات الأسرة.

وشدد مصطفى العلوي، على كون المجتمع المغربي في عمومه محافظ وملتزم إلى حد مقدر بالمرجعية الإسلامية التي تعتبر ثابتا دستوريا ومصدرا للشرعية التي تقوم عليها إمارة المؤمنين، باعتبارها من أركان الحكم في المغرب منذ اثني عشر قرنا.

وأضاف أن الفاعلون السياسيون والحقوقيون ينتسبون لتيارات ذات مرجعيات وإيديولوجيات متباينة، “لكنني لا أرى أن الإيديولوجيا هي المحدد الأساسي في التدافع الحاصل بين هذه التيارات بشأن مدونة الأسرة، فالبوليميك السياسي معطىً حاضر بقوة، وهو غير مؤطر بمرجعية معينة، وبالتالي فالتقاطب الحاصل لا يعبر عن انقسام إيديولوجي بين الحداثة والمحافظة، لأن أفكار المرجعيتين متوارية في النقاش العمومي، بقدر ما هو سجال مجتمعي وسياسي عام وغير مؤطر”.

من جانبها أكدت فاطمة اليحياوي، أنه لا الحكومة ولا المعارضة المغربية تقوم بواجبها وأدوارها، مضيفة أن الوضع السياسي يؤكد أنهما أي الحكومة والبرلمان ليسا في مستوى اللحظة السياسية الراهنة والنقاش الدائر حول هذا التعديل، خصوصا في ظل النقاش الغير الصحي والموبوء والذي لا يحترم العقل والاختلاف وسنة الحياة.

وأضافت اليحياوي أن النقاش اليوم حول مدونة الأسرة ليس بالنقاش الإيديولوجي، لأنه لا يحمل أفكارا في الأصل، متأسفة حسب قولها “لوصولنا لزمن تبخس فيه الأيديولوجية”، ومؤكدة أن الأيديولوجيات والنقاشات الأيديولوجية على الأقل تؤطرها مبادئ وقيم، مؤكدة أن النقاشات البرلمانية تحكمها تقاطبات المصالح والفساد.

وشددت على أن المؤسسة البرلمانية اليوم لا تنبني عل النقاشات الأيديولوجية بل على الولاءات الشخصية، مؤكدة أنه وخلال تعديل مدونة الأحول الشخصية كان هناك نقاش إيديولوجي يحتاج لتحكيم ملكي، أما اليوم فنحتاج لتدخل مباشر من الملك وتوقيف مسطرة التشريع، لأن البرلمان ليس له ما يقدم بهذا الشأن، وبذلك، من الأفضل أن تصدر المدونة الجديدة مباشرة من الملك.

مواقيت الصلاة

الفجر الشروق الظهر
العصر المغرب العشاء

حصاد فبراير

أحوال الطقس

رطوبة :-
ريح :-
-°
18°
20°
الأيام القادمة
الإثنين
الثلاثاء
الأربعاء
الخميس
الجمعة