تشكل المسيرة الخضراء حدثا عظيما يشكل منعطفا في تاريخ المغرب ونفوس المغاربة الذين ضحوا بأنفسهم من أجل تحرير وطنهم من الإستعمار الإسباني، حاملين كتاب الله واليقين التام في تحرير أراضيهم الصحراوية العزيزة.
وفي سرده للتجربة التي عاشها المغاربة مع هذه الملحمة التاريخية يقول مصطفى السكي، أحد المشاركين في هذا الحدث، وهو من قدماء جيش التحرير، “في سنة 1973 القت السلطات الاسبانية القبض علي بسبب إدخالي رسائل المقاومة، ثم قضيت يومين عند الشرطة الاسبانية، وبعدها تطورت الأحداث وتم اقتيادي لرئيس المخابرات الإسباني.
وأضاف في حواره مع “فبراير”، لم أكن لأسلم من يدي الإستعمار لولا تدخل شخصيات مقاومة بارزة من قبائل الصحراء، الذين حاولوا التوسط لاطلاق سراحي من لدن السلطات الإسبانية.
ولم تكن تجربة مصطفى مع الاستعمار الإسباني سوى تجربة من بين التجارب التي خاضها مختلف أعضاء جيش المقاومة والتحرير في المسيرة الخضراء التي شكلت منعطفا تاريخيا، وحدثا تتعاقبر عليه الأجيال.
ويضيف المتحدث نفسه، حين حديثه عن المسيلاة الخضراء، ” هذه الملحمة، تركت أثرا عظيما في نفوس المغاربة لما تحمله من دلالات إنسانية ووطنية، فالمغاربة ضحوا بأنفسهم حاملين كتاب الله لتحرير الصحراء من جحافل الإستعمار الإسباني آنذاك.
ويمثل هذا الحدث المتجذر في تاريخ المملكة تحولا حاسما في مسار الكفاح من أجل استكمال الاستقلال الوطني وتحقيق الوحدة الترابية للمملكة، ومناسبة للتأكيد الجماعي المتجدد على مغربية الصحراء.
كما يشكل هذا الحدث الوطني محطة مشرقة ومفصلية في تاريخ المملكة المغربية، حيث تمكن الشعب المغربي من تحرير جزء من أراضيه السليبة، وتحقيق واستكمال وحدة المغرب الترابية، ووضع حد لنحو ثلاثة أرباع القرن من الاحتلال المرير لهذه الربوع العزيزة على أفئدة كل المغاربة.
وبلباسه التقليدي الصحراوي، ولثامه الأسود، أوضح لنا المتحدث ذاته أنه مر بتجارب مميزة في المسيرة الخضراء، قائلا: من بين التجارب التي عشتها في المسيرة الخضراء آنذاك، جئنا إلى مدينة الطرفاية ووجدنا عددا من الدول العربية، كالإمارات قطر السعودية مصر تونس الاردن، وغيرها من الدول الكبرى، مما أثار فضولي وعلمت أن المسيرة الخضراء هي “ملحمة تاريخية” فعلا.
“الخير موجود في المسيرة”، هكذا يقول مصطفى في معرض حديثه، مستحضرا أن الملك الحسن الثاني، رحمه الله، أعطى تعليماته، من أجل توفير المؤونة الكافية، لمرور المسيرة الخضراء في أحسن الظروف، كما أعطى تعليماته للمسؤولين آنذاك من أجل تسهيل ظروف التنقل للمواطنين المشاركين في هذه الملحمة.
جدير بالذكر أن المسيرة الخضراء، التي أبدعتها عبقرية جلالة المغفور له الحسن الثاني، وانطلقت فيه جماهير المتطوعين من كل شرائح المجتمع المغربي سنة 1975 صوب الأقاليم الجنوبية لتحريرها من براثن الاستعمار الإسباني، تجسد أروع صور التلاحم بين العرش العلوي والشعب المغربي، من أجل استكمال الاستقلال الوطني وتحقيق الوحدة الترابية المقدسة.
