أكد عبد الإله جابري، عضو اللجنة الإدارية بالجامعة الوطنية للتعليم، في حوار أجراه مع موقع “فبراير”، أن الجامعة تعارض بشدة تحديد سن الولوج إلى مهنة التعليم عند 30 عامًا، معتبرًا أن هذا القرار يحمل في طياته ظلمًا كبيرًا لا يخدم جودة التعليم ولا يحقق الأهداف المعلنة من قبل وزارة التربية الوطنية.
وأوضح جابري أن حجة الوزارة بأن هذا الإجراء يهدف إلى تجديد الطاقم التعليمي وتحقيق جودة أفضل، لا تستند إلى أسس منطقية. وأشار إلى أن الكفاءة والمهارات، وليس العمر، هما المعياران الأساسيان لتحقيق الجودة في العملية التعليمية. وضرب مثالاً على ذلك بشاب حاصل على الدكتوراه أو الماجستير يبلغ من العمر 31 أو حتى 45 عامًا، يمكنه تقديم مساهمة قيمة في القطاع، وهو ما يتناقض مع فرضية الوزارة التي تربط الجودة بالعمر.
وأضاف جابري أن الدوافع الحقيقية وراء هذا القرار هي محاسبية بحتة، حيث تسعى الوزارة إلى تمديد فترة الخدمة للمعلمين من أجل تقليل تكاليف التقاعد، دون اعتبار لجودة التعليم أو لاحتياجات المعلمين أنفسهم. وأكد أن هذا النهج يعكس رؤية محاسبية ضيقة تركز على التكاليف بدلاً من الاستثمار في تطوير المنظومة التعليمية.
وأشار أيضًا إلى أن تحديد سن 30 عامًا يحرم العديد من الشباب والشابات المؤهلين من فرص العمل في التعليم، مشددًا على أن هناك العديد من العاطلين عن العمل الذين يمتلكون كفاءات كبيرة يمكنهم خدمة النظام التعليمي بشكل فعّال. ورغم تحديد سن الولوج إلى المهنة، لا يزال هناك نقص حاد في الكوادر التعليمية في مختلف الفئات، بما في ذلك المعلمين والإداريين والخبراء التربويين.
وانتقد جابري تواجد معلمين تجاوزوا سن الستين في الأقسام الدراسية، مشيرًا إلى أن مهنة التعليم تتطلب طاقة وجهدًا كبيرين، وأن الاستمرار في العمل بعد سن معينة يضع عبئًا كبيرًا على المعلمين، مما يؤثر على أدائهم. كما اعتبر أن استمرار العمل بهذا النهج يعكس مرة أخرى التوجه المحاسبي للوزارة والحكومة، الذي يسعى إلى استغلال المعلمين لأطول فترة ممكنة قبل إحالتهم إلى التقاعد، مقابل تعويضات غير كافية.
في ختام حديثه، أكد جابري أن الجامعة الوطنية للتعليم ترفض هذا النهج المحاسبي، وتدعو إلى وضع التعليم في صدارة الأولويات الوطنية، بعيدًا عن الحسابات المالية الضيقة، لتحقيق تعليم عمومي عالي الجودة في المغرب.